الفوضى المحيطة بحقوق ملكية الأراضي تعيق عودة نازحي دارفور

بينما تتصاعد الضغوطات لإرجاع النازحين إلى ديارهم، يبقى موضوع أساسي هو حقوق ملكية الأراضي هامشيا، قولا وفعلا.

الفوضى المحيطة بحقوق ملكية الأراضي تعيق عودة نازحي دارفور

بينما تتصاعد الضغوطات لإرجاع النازحين إلى ديارهم، يبقى موضوع أساسي هو حقوق ملكية الأراضي هامشيا، قولا وفعلا.

.



بعيد طرده، إنتقل مستوطنون عرب إليها. وقال أنهم في البداية كانوا مجرد مستوطنين غير شرعيين، ولكن بين ٢٠٠٧ و٢٠٠٨ منح العديد منهم الفرصة لتسجيل الأرض التي حصلوا عليها في بلدية الجنينة.



وقال: "لقد طردنا بالقوة من أرضنا التي أعطيت للمستوطنين." وأضاف: "الهدف الأساسي وراء هذه الحملة من القتل والتهجير هو القضاء علينا وإعطاء أرضنا للمستوطنين. لا نريد أن نعيش في تلك المعسكرات ولكن نحن مضطرون الآن للبقاء هنا لأنه ليس هناك مكان نذهب إليه."



ويقول آدم أن لجنةً تكونت لعرض هذا الموضوع على السلطان سعد عبدالرحمن بحرالدين، الحاكم التقليدي لدار مساليت، المنطقة الإقليمية، والذي نصح زعماء النازحين بعرض شكواهم لوزير الزراعة بغرب دارفور.



وأضاف آدم: "قال الوزير أنه سيحيل القضية إلى الرئيس عمر البشير، ولكن حتى الآن لم يتلقى الزعماء أي رد." وأضاف: "إبان هذا، نجح المستوطنون بتسجيل الأراضي وحصلوا على وثائق قانونية. اليوم هم ليسو فقط شاغلي تلك الأراضي بحكم الأمر الواقع ولكنهم يستطيعون أيضا إثبات ملكياتهم لها."



ويقول آدم أنه يشعر بالغضب لأن المستوطنين العرب استطاعوا إحتلال موطن أجداده بتلك الطريقة، ولكنه يأخذ عهدا على نفسه بعدم التخلي عن نضاله لاسترجاع حقه بامتلاك أرضه."



ويوضح: "الأمر يتعلق بأرضنا التي نحن متعلقون بها كثيرا والتي فيها منازلنا ومزارعنا وبساتيننا وحيث عاش أجدادنا وماتوا ودفنوا."



وليس آدم الوحيد الذي يعرب عن هموم كهذه. يود العديد من النازحين أيضا ترك المعسكرات والعودة إلى قراهم السابقة عندما تتحسن الظروف ولكنهم يخافون من أنه لم يعد لديهم أرض يعودون إليها. كما أنهم غير واثقين أن الحكومة ستؤمن عودتهم سالمين أو أنها ستحميهم بعد عودتهم.



وكان الخلاف على حقوق ملكية الأراضي في دارفور قد أجج نيران الصراع الذي اندلع في ٢٠٠٣، والعديد من المراقبين في حيرة من تردد المجتمع الدولي الظاهر في فعل أي شيء لمعالجة المشكلة.



ويقول محمد عبدالله الدومة وهو رئيس هيئة محاميي دارفور: "إحتلال الأراضي في دارفور هو موضوع محوري. ولكن للأسف الجميع، بما في ذلك [الأمم المتحدة] التي وثقت الموضوع في ٢٠٠٧، يلتزم الصمت حياله."



ولكن الآن ومع إعراب عدد من الشخصيات العالمية عن تفاؤل جديد بمستقبل دارفور، أصبح موضوع حقوق ملكية الأراضي أكثر أهمية.



وفي أغسطس، قال الجنرال مارتين أغواي، القائد المنتهية ولايته في البعثة المشتركة للإتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في الإقليم، أن القتال في دارفور خف بشكل ملحوظ.



وأثناء جولة قام بها في المنطقة مؤخرا، قال سكوت غراتيون، الموفد الأمريكي إلى دارفور، أيضا أن خطوات صغيرة نحو السلام اتخذت، وأوصى أن تعتمد واشنطن نهجا يؤدي إلى بناء جسور مع الخرطوم. وقد أدرجت آراؤه في ورقة عمل إستراتيجية أمريكية تم نشرها في منتصف أكتوبر.



جذور المشكلة



حوالي ثلاثة ملايين دارفوري (في مقدمتهم أفراد من الفور، المساليت، والزغاوة الملقبون بقبائل دارفور الإفريقية) هجرتهم القوات الحكومية وميليشيا الجنجويد المتحالفة معها منذ ٢٠٠٣.



ولاعتبارها هذه القبائل غير وفية وتأوي المتمردين، تعمدت حكومة الخرطوم إستهداف هذا الجزء من السكان، عبر هدم المنازل والمحاصيل وسبل العيش وقامت بقتل الرجال واغتصاب النساء وإجبار الناس على ترك أراضيهم.



وهناك مزاعم بأن الخرطوم قد ألغت قانون عرفي تقليدي - يعطي حقوق الملكية للقبائل الإفريقية غير المترحلة في الإقليم وحقوق التأجير للبدو العرب - ومن ثم شجعت وأعطت حوافز للدارفوريين العرب وعرب من بلدان أخرى مثل تشاد ليستقروا في أراض كان يشغلها سابقا الفور والمساليت والزغاوة، بهدف زيادة الدعم لنظام البشير.



وتشير إحدى تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن عدد التشاديين الذين هاجروا إلى دارفور بين ٢٠٠٦ و٢٠٠٧ يقارب ٣٠ ألفا، ولكن المنظمة لا تعطي أي إشارة ما إذا كانت الحكومة السودانية مسؤولة عن تشجيع هذا التدفق البشري.



ويقول ألدومة أنه وثق حالات عدة لمستوطنين أعطوا أوراق ثبوتية سودانية رغم كونهم بوضوح أجانب. وقال، "في بعض الأماكن، سيطر المستوطنون بالكامل على الأراضي بما فيها المزارع والبساتين والموارد المائية."



ويقول ألدومة أن ما يصفه بأنه عملية ممنهجة للاستيطان هو أحد السياسات الاستراتيجية للحكومة في دارفور. ويقول: "بما أن بعض مجموعات دارفور الإثنية صنفت بأنها غير وفية واستهدفت على هذا الأساس، من السهل فهم السبب الذي دفع الحكومة إلى استجلاب هؤلاء الناس."



ولكن الوزير السوداني للشؤون الإنسانية، دكتور عبدالباقي الجيلاني، يتحدى هذه المقولات.



وقال: "لم نحاول أبدا أن نستبدل مواطن بآخر، هذه كذبة مطلقة. الإدعاء أننا كحكومة أتينا بأناس من الخارج هو مجرد دعاية وأقاويل سياسية جوفاء هدفها تشويه سمعة حكومة السودان."



"إذا ثبت أن أشخاصا يسكنون في قرى ليست لهم، فواجب الحكومة إخراجهم وإعادة الأرض إلى أصحابها الأصليين.



"واجبنا أن نعدل بين مواطنينا في تلك الحالات وأنا أسأل أي دارفوري لديه معلومات عن إحتلال لأراض أن يخبرنا حتى نستطيع التحرك وطرد المحتلين. الصحافة الغربية... دائما تحاول أن تظهر الحكومة السودانية وكأنها تستهدف القبائل الإفريقية في دارفور وتفضل عليها القبائل العربية، وهذا لا أساس له من الصحة."



بما أن ملكية الأراضي هو جزء لا يتجزأ من الصراع في دارفور، يعتقد الكثيرون أنه سيكون من الصعب تحقيق سلام دائم في الإقليم ما لم تتخذت خطوات لحل هذه المشكلة.



ولكن بما أن القضايا المتعلقة بالأرض هي في صلب جذور الصراع في دارفور، ليس من السهل إيجاد حلول لهذه المشكلة.



إحدى المشاكل الأساسية أن تحركات السكان المرتبطة بالحرب أدت على ما يبدو إلى إنهيار النظام العرفي لحيازة الأراضي في دارفور.



ويقول دكتور إدريس يوسف أحمد، نائب سابق في البرلمان ووزير دولة لغرب دارفور: "تاريخيا، الناس في مجتمعاتنا كانت تحصل على الأراضي لتعيش فيها وتزرعها، أما القادمون الجدد يجب ان لا يسمح لهم بامتلاك الاراضي. ولكن الأمور تغيرت الآن، بسبب أعداد كبيرة [من الناس جاؤوا من خارج الإقليم] وحصلوا على الجنسية من الحكومة بشكل غير قانوني، وهو امر سيؤدي الي تاجيج الصراع."



بحسب هيلين يونغ، باحثة في جامعة توفتس في الولايات المتحدة: "لا يهم إن كنت من النازحين أو العرب أو غيرهم، فحقوق إمتلاك الأراضي في حالة فوضى شاملة. كل اللذين استوطنوا كالتشاديين اللذين جاؤوا إلى هنا... أو أي من اللنازحين، ليس منهم من يتمتع بحقوق امتلاك أراضى مبني بشكل متين على القانون العرفي."



موضوع إمتلاك الأراضي معقد بسبب سوء حفظ السجلات. أغلبية الأراضي غير مسجلة في الدوائر الحكومية، لهذا فإن الدليل الوحيد هو المعرفة الجماعية للمجتمع المحلي.



ويحذر صالح عثمان، نائب سوداني وناشط في حقوق الإنسان، أن الوقت ينفذ لحل المشكلة وأنه بغياب السجلات الرسمية قد تزول آثار القرى وملكية الأراضي. أثناء القتال، دمرت الكثير من القرى كليا وأحرقت الحقول المحيطة بها.



ويقول عثمان، "مع الوقت، ستختفي آثار القرى المدمرة وسيأتي أحدهم ويقول أنه وجد تلك الأرض وأنه ليس هناك ما يشير إلى ملكية سابقة."



"كلما أبقينا الناس في المعسكرات، كلما كانت هناك إمكانية لحصول ذلك. نتخوف جميعنا أن يصبح هذا تطهيرا عرقيا، بمعنى أن ملايين الناس لن يتمكنوا أبدا من العودة إلى منازلهم في الإقليم."



اللجنة الخاصة بالأراضي تعاني صعوبات



سمع القلة من اللذين هجّروا جراء القتال في دارفور بهيئة رسمية من المفترض أن تحل النزاعات حول الأراضي في الإقليم. وهناك ايضا القليل ممن يعرف تفويض ومهام هذه هذه الهيئة.



وأنشئت المفوضية الخاصة بالأراضي في دارفور في ٢٠٠٦ وفقا لاتفاق السلام في دارفور.



ونصت الإتفاقية، من بين أمور أخرى، أن كل من استحوذ على أرض بالقوة خلال المعارك لا ينبغي أن يحتفظ تلقائيا بحق البقاء فيها.



بدايةً، كان من المفترض أن يكون مقر المفوضية الأساسي في الفاشر، البلدة الرئيسية في شمال دارفور ومقر القاعدة العسكرية التابعة للأمم المتحدة.



ولكن مشاكل لوجستية أدت إلى إقامة المقر الرئيسي في الخرطوم، التي تبعد مئات الكيلومترات عن الأناس الذين من المفترض أن يستفيدوا منها.



والمشكلة الأخرى أنه بعد أكثر من ثلاثة سنوات على إنشائها، لم تنظر المفوضية حتى الآن في اي قضية تخص النزاع حول الارض، ولن تقوم بهذا الأمر في المستقبل المنظور.



وقال رئيس اللجنة، آدم أحمد، "كيف لنا أن نبدأ بالتفكير في من يملك الأرض بينما لا يزال القتال مستمرا؟"



عوضا عن ذلك، نشاطات المفوضية تنحصر في عملية جمع شاملة للبيانات، وهذا رغم كونه جزء مهم من مهامها، إلا أنها ما زالت بعيدة من القيام بدورها الرئيسي.



ويقول أحمد أن الهدف النهائي هو إنشاء قاعدة بيانات لاستخدام الأراضي للمساعدة في حل النزاعات في المستقبل. ويضيف أن ٢٥ شركة دعيت للمشاركة في مناقصة حول إدارة قاعدة البيانات هذه.



ويقول: "لدينا ٣٠ شخصا يجولون على المناطق ويجمعون البيانات." وأضاف: "هذا النوع من المقاربة التي تعتمد على الأبحاث المنجزة على الأرض والتي تشرك المجتمعات المحلية مهم، إذ حالما ننتهي من مرحلة التخطيط، سنعرف من يمتلك أية قطعة أرض وحينها يمكننا حل النزاعات على الأراضي بفعالية. لكن من المبكر جدا الحديث عن إستحقاقات الأراضي الآن."



ويعترف أحمد أن إحدى المعضلات الرئيسية التي تواجهها اللجنة هو النقص في المال الذي يتفاقم بسبب عدم وجود رغبة واضحة لدى السلطات السودانية لاحترام الإتفاقيات التي أنجزتها.



ويقول أحمد: "لدينا مشكلة مع الحكومة متمثلة بعدم دفعها للمال الذي وعدتنا به." ويضيف:"الطريق الوحيد لحل أزمة دارفور هو توثيق حقوق الناس التاريخية بملكية الأراضي، ويجب أن نجعل الحكومة تقبل بدفع المال من أجل ذلك."



نقص في التنسيق



تلقت إتفاقية السلام في دارفور دعما واسع النطاق من المجتمع الدولي كونها مجهودا إيجابيا لإنهاء الأعمال العدائية في الإقليم. ولكن الكثرين يشعرون أن الاتفاقية لم تلبي المطالب الحقيقية للناس في دارفور.



وهذا بشكل كبير لأن الحكومة السودانية أقنعت فقط مجموعة متمردة واحدة -فصيل من جيش تحرير السودان المنقسم بقيادة ميني ميناوي- بالتوقيع عليها.



وامتنعت الجماعات المتمردة الأخرى عن ذلك بالقول أن الإتفاقية لم تعالج همومهم بشكل مناسب.



قليلون تبقى لديهم إيمان بالإتفاقية والقليل من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية ونشطاء حقوق الإنسان في دارفور والمحامين والنازحين أنفسهم يثقون بأن العائدين سيكونون بمأمن من هجمات جديدة في حال عادوا إلى ديارهم.



ويدرك المسؤولون الدوليون أن إعادة النازحين إلى قراهم قد يعرضهم لخطر أكبر وهم لا يعرفون إذا كانوا سيتخذون القرار بحفر الآبار وبناء المدارس في القرى التي سبق تدميرها. وإذا شجعوا النازحين على العودة لديارهم وجددت الحكومة هجماتها فحينها سيكونون مذنبين لوضعهم الضعفاء في حالة أكثر خطرا.



لذا فما زال الإرتباك والجمود يكبلان جهود المجتمع الدولي لفعل أي شيء حيال حقوق ملكية الأراضي في دارفور.



ويعترف برنامج الأمم المتحدة للتنمية، والذي يعنى بمساعدة السودان لتحقيق السلام الدائم والتنمية المستدامة، أهمية حل النزاعات على ملكية الأراضي ولكنه يقول أن هنالك القليل جدا من العمل المنسق في الوقت الحالي.



ويقول محمد إقبال متحدثا بإسم المنسق الإقليمي العام لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية: "المنظمات الدولية تعري الموضوع أهمية." ويضيف: "إنه موضوع بحاجة إلى معالجة ولكن في الوقت الحالي لا نعمل أي شيء من أجل ذلك."



ومع ذلك يقوم البرنامج بتقديم بعض المساعدة على الصعيد المحلي.



ويقول إقبال: "نحاول توفير الدعم للنازحين الذين انتهكت حقوقهم." ويضيف: "نحن نتابع الأمور من خلال المحاكم المحلية والمحامين."



ولكن كثيرين يخشون أن مقاربة جزئية كهذه لن تحدث على الأرجح تغييرا قد يدوم في المنطقة.



ويجعل عدم الإستقرار في الإقليم الوصول إلى حل دائم لمسألة حقوق الأراضي أمرا صعب المنال لأن الكثير من المنظمات لا تستطيع العمل في مساحات شاسعة من دارفور.



أجرى برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بعثة تقييم لقضايا حيازة الأراضي في دارفور منذ سنتين ونصف ولكنه لم يتمكن من متابعة الأبحاث بسبب الوضع الأمني.



وقال خرت لوديكينغ، ممثل للبرنامج: "لقد مضى وقت طويل ونحن ننتظر أن نتمكن من الذهاب لجمع [البيانات التي نحتاجها]. حالما يخرج الناس من المناطق الآمنة يخطفون أو يحصل لهم مكروه آخر."



"لذا فنحن ممنوعون من الحصول على المستوى التالي من المعلومات التي ستسمح لنا بإجراء تطوير كمي ونوعي لمقترحاتنا بشأن كيفية تقديم الدعم [الكافي]."



وتقول المنظمة العالمية للهجرة أن عمليات النهب الصغيرة في ازياد، كما أن الهجمات وعمليات الخطف تتزايد، وأصبح من الأصعب للمنظمات الإنسانية العمل هناك.



وقال متحدث بإسمها: "كان دائما هناك غياب للقانون، ولكن الأمر يزداد سوءا الآن لأنه هنالك [تقيد] أقل بالنظام بشكل عام."



خطر العودة



يقول النازحون أنهم كلما حاولوا مغادرة المعسكرات يواجهون خطر التعرض لهجوم من قبل رجال الميليشيات.



عندما غادر نازحان، أمير وعلي، معسكرهم في كرينيغ شرق الجنينة منذ مدة قصيرة ليزرعوا الفول السوداني على بعد كيلومترات قليلة، ووقعا في كمين نصبه مسلحون وتعرضا للضرب وتم كسر ذراعي أمير.



وقال: "كنا محظوظين جدا لأننا بقينا أحياء." وأضاف: "ظننا أنهم سيطلقون النار علينا ولكنهم بدلا من ذلك ضربونا ووهددونا بالقتل في حال عدنا من جديد."



وقال أمير أنهما أرادا مغادرة المعسكر ليزرعا شيئا لعائلتيهما.



وقال: "ولكن هؤلاء المسلحين الذين كانوا يرتدون الزي العسكري منعونا." وأضاف: "قالوا لنا أنهم الحكومة وأنهم أسياد هذه الأرض."



ويتذكر إبراهيم آدم، من معسكر كساب للنازحين في كتم، شمال دارفور، كيف تعرض لهجوم من قبل أربعة جنود مسلحين حينما أخذ غنمه للرعي في أدغال تبعد عشرين دقيقة سيرا على الأقدام من المعسكر.



وقال: "طرحوني أرضا وبدؤوا بركلي بأحذيتهم في كل أنحاء جسمي بينما بقيت أتدحرج كالكرة." وأضاف: "ثم قيدوني إلى شجرة وتركوني مع الماعز."



وفي نهاية المطاف، استطاعت عائلة إبراهيم أن تجده وتفك قيده.



ويقول إبراهيم أنه لا اليوناميد ولا قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الإقليم ولا الشرطة كانوا قادرين على اتخاذ أية إجراءات.



وقال: "نحن نعيش ببساطة في سجون كبيرة." وأضاف: "ليست لدينا حرية التنقل ناهيك عن العودة إلى قرانا المدمرة."



وقال نورالدين المازني، المتحدث بإسم اليوناميد أن قوات حفظ السلام لا تستطيع أن تكون حاضرة ٢٤ ساعة متواصلة في اليوم في كل مخيم ولكن أضاف أنهم يبذلون قصارى جهدهم.



وقال: "حيثما تواجدنا نحاول أن نحدث فرقا. ونقوم بحث المجتمع الدولي لتزويدنا بمعدات كالهليكوبترات. نحن نكافح كل يوم لنؤمن الحماية للنازحين."



وأضاف: "لسنا هناك لنحل مكان الحكومة أو لنكون جزءا من الصراع. نحن في مهمة حساسة للغاية -نحن في مهمة حفظ سلام في منطقة لا يوجد فيها سلام على الأرض لكي يحفاظ عليه."



وتقول وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة، مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن انعدام الأمن يمنعهم من التركيز على قضية الاراضي على قضية الأراضي بشكل أكبر.



وقال مصدر: "الأمن لا يسمح للمنظمات الإنسانية بدخول [بعض الأماكن]. لدينا قواعد أمن خاصة بنا في الأمم المتحدة. تقريبا أينما ذهبنا خارج البلدات نحتاج مرافقة مسلحة وهذا يحد بشكل كبير قدرتنا على التحرك لأنها [المرافقة] ليست دائما متوفرة."



وفي الوقت نفسه، تصر الحكومة أن الناس تغادر المعسكرات بأعداد هائلة وتعود إلى قراها.



وقال الجيلاني، وزير الشؤون الإنسانية: "النازحين بدؤوا يعودون طوعا منذ بداية موسم الأمطار هذه السنة ليزرعوا أراضيهم. التحدي الوحيد الذي يواجهنا الآن هو كيفية تأمين الخدمات الأساسية للعائدين كالمياه والطعام والعناية الصحية."



وقال ردا على روايات لنازحين تقول أن الوضع ليس آمنا بما يكفي للعودة ليعودوا: "نعم قد يكون هذا صحيحا ولكن هذه إحدى تداعيات الحرب - [ولكن] هذا ليس انهيارا تاما للأمن. فالوضع الأمني تحسن بنسبة ٩٨ بالمئة في شمال دارفور، مثلا.



"لدينا فقط حوادث قليلة معزولة قامت بها عصابات وخارجين عن القانون تمثلت في اختطاف لعمال إغاثة وخطف سيارات ولكن نعمل عن كثب مع المجتمعات المحلية وزعماء مجتمع دارفور المدني لمكافحة هذه الظاهرة. عموما، الوضع في دارفور سلمي وآمن."



ضغوطات الإتحاد الأفريقي



في تقرير أعدته مؤخرا لجنة يرأسها رئيس جنوب أفريقيا السابق، ثابو مبيكي، شدد الإتحاد الأفريقي أن الخرطوم لديها مسؤولية تسهيل عودة النازحين "بطريقة آمنة ومنظمة"، وأنه يجب أن تجرى تحقيقات حول المزاعم المتعلقة باحتلال الأراضي.



وذكر التقرير أنه من حق الدارفوريين أن يعودوا إلى قراهم، ويحصلوا على تعويض عن الخسائر في الممتلكات فضلا عن حقهم في أشكال أخرى من التعويض عن الضرر الذي أصابهم.



وبحسب التقرير: "ينبغي أن تنظر [الحكومة السودانية] في إنشاء هيئة دائمة، يشارك فيها ممثلون عن النازحين ولاجئين عادوا إلى ديارهم، للتحقيق في ملكية الأراضي واحتلالها. وبشكل أعم، يجب أن تدرس مسألة الأرض... وإعادة التوطين وتحدد الآليات التي ستسمح بحل النزاعات الناشئة عن الأراضي التي ينبغي تسويتها بطريقة مرضية."



"وبالعمل مع اليوناميد، ينبغي على [الخرطوم] إشراك النازحين واللاجئين لتسهيل عودتهم الطوعية إلى ديارهم. وهذا يتطلب توفير الحماية الكافية وتهيئة الشروط الضرورية للسلامة والأمن بالإضافة إلى توفير وإصلاح الخدمات والمرافق في مناطق العودة."



وهذه هي المشكلة.



فقد أفادت تقارير وردت في عدة صحف في السودان أن الحكومة تخطط لإغلاق العديد من المعسكرات الكبيرة في جنوب دارفور بحلول ٢٠١٠.



رغم أن سكان المعسكرات يرحبون للوهلة الأولى بهذا الخبر، هم يخافون أن يجبروا على العودة إلى قراهم في حين لا توجد ضمانات لحمايتهم من هجمات الحكومة أو الجنجويد، أو إيجاد منظومة لحل النزاعات المتعلقة بحقوق ملكية الأراضي.



في سبتمبر ٢٠٠٧، يزعم أن قوات الحكومة هاجمت معسكر كلما بدعوى مصادرة الأسلحة التي ظنوا أن المتمردين يخبؤونها. ولقي اثنى عشر شخصا مصرعهم. ويخشى سكان المعسكر أن تلك كانت محاولة لتفريقهم والتخلص من أي دليل يشير إلى وجود تشريد جماعي في دارفور.



ومنذ ذلك الحين لم يحدث تغيير يذكر. وقال الشيخ علي إبراهيم الطاهر، زعيم معسكر كلما، لمعهد السلم والحرب: "تحاول الحكومة قطع الإمدادات الغذائية وخلق جو من المضايقة والخوف في المعسكرات، حتى يغادر الناس المعسكرات. أدعو جميع النازحين أن يقاوموا أية محاولة إزالة بالقوة مالم تنتهي ظروف التشريد التي أوجدتها الحكومة وتحسن الوضع الأمني."



كايتي غلاسبورو مراسلة لمعهد صحافة السلم والحرب وتاج الدين عبدالله آدم مراسل متدرب في معهد صحافة السلم والحرب وبلايك إيفانس بريتشارد محرر إفريقيا في معهد صحافة السلم والحرب.



بقلم كايتي غلاسبورو، تاج الدين عبدالله آدم وبليك إيفانس-بريتشارد في لاهاي.



Africa
Frontline Updates
Support local journalists