الزواج في الجنة

الحلم بالسفر وبحياة افضل بعيدا عن الفقر والحرب جعل بعض النساء العراقيات يوافقن على الزواج من رجال لا يعرفنهم.

الزواج في الجنة

الحلم بالسفر وبحياة افضل بعيدا عن الفقر والحرب جعل بعض النساء العراقيات يوافقن على الزواج من رجال لا يعرفنهم.

.



كان ذلك في العام 1999، وكانت الفتاة الرشيقة ذات الشعر الناعم والعيون العسلية قد تخرجت للتو من الكلية تحدوها الرغبة في التخلص من الفقر وصعوبة الحياة تحت الحصار الاقتصادي. قالت حسين" كنت سعيدة ومتشوقة للتخلص من الحزن والتعاسة الى الابد".



ظلت تنتظر الفيزا لثلاث سنوات، وحين وصلتها في العام 2002، تبعت زوجها الى حياة جديدة في كندا. ولم تكد تمضي ستة شهور، حتى اكتشفت ان زوجها على علاقة مع احدى الكنديات. بعيدة عن الوطن، لم يكن لديها أي فكرة عن ماذا ستفعل ولم يكن لديها من تذهب اليه. توسلت اليه ان يترك تلك المرأة، لكنه رفض قائلا انها قد ساعدته في الماضي.



ترك الاف العراقيين الوطن خلال الحرب العراقية الايرانية في الثمانينات، وهم الان في الاربعينات والخمسينات من عمرهم، يعودون للوطن بحثا عن عرايس صغيرات للزواج منهن وانجاب الاطفال لهم.



بالنسبة لبعض العوائل العراقية، يعد هذا النوع من الزواج الطريق الافضل لمنح بناتهم الفرصة لحياة افضل خارج العراق.



لكن الخبراء يحذرون من المشاكل. يشيرون الى ان هذا النوع من الزواج يتم الاستعداد له بشكل سريع، واحيانا اقل من شهر، مما يعني ان الزوجين بالكاد يتعرفوا على بعضهم قبل حزم حقائبهم في طريقهم الى عالم مختلف.



معظم النساء لم يسبق لهن السفر من قبل، بينما اعتاد ازواجهن على نمط الحياة الغربية خلال سنينهم التي امضوها بعيدا عن الوطن.



وجدت النساء اللاتي عشن في بيئة محافظة في مجتمع مزقته الحرب تحت الحصار الاقتصادي صعوبة في التاقلم. يعاودهن الحنين الى الاصدقاء والاهل بعد احساسهن بالعزلة لانهن لا يتكلمن اللغة المحلية.



"هناك اعتقاد شائع هنا هو ان الزوج في الخارج يملك المصباح السحري وسيوفر لزوجته المستقبل الباهرلانه يمتلك المال. لكن الناس نسيت ان ذلك ليس المتطلب الوحيد للزواج الناجح" قال قصي رشيد، محامي من بغداد.



ومثل حسين، فان سناء صبحي من بغداد،23، خريجة الفنون الجميلة، نادمة على قرارها بالزواج من عراقي يعيش في النرويج. لقد تمت اجراءات الزواج في 21 يوما بعد لقائهم في العام 2000. والتحقت به في العام 2003. رغم نصيحة اصدقائها لها بالتفكير جيدا بقرارها، الا ان عائلنها كانت مبهورة بالعروض التي قدمها الخطيب والتي تمثلت بالسيارة والذهب وهدايا اخرى.



في النرويج، تملكتها حالا افكارا ثانية. "لقد خدعني ولم يخبرني شيئا عن حياته الخاصة. لا يوجد رجل قدم ربع ماقدمه زوجي لي من ذهب و مال. لكن التعاسة التي اعيشها لا يمكن تعويضها بالمال" قالت صبحي.



رغم استمرار صبحي مع زوجها وانجاب طفلين منه، الا ان بعض النساء يشعرن ان لا خيار امامهن سوى الطلاق بعد ان تضرب الحقيقة المرة عميقا فيهن.



تقول سعاد العبيدي، الباحثة الاجتماعية في محكمة الرصافة في بغداد والتي وظيفتها التوفيق والمصالحة بين الزوجين الذان يرومان الانفصال، الطلاقات في الغربة تحدث عادة بعد سنة الى خمسة سنين من الزواج- بعد ان تخبو الاثارة الاولى للسفر والمال و الحياة خارج العراق.



"السبب الشائع الاخر للانفصال هو ان الزوج المغترب عادة ما تكون له علاقات قبل زواجه من العراقية، ويحتفظ بتلك العلاقات حتى بعد زواجه" اضافت العبيدي.



وعلى عكس حالات الطلاق الاعتيادية، فان اللاتي تزوجن بالمغتربين ثم يقررن العودة للوطن، يلقين تعاطفا كبيرا. غالبا ما تلقي عوائلهن باللوم على الزوج المغترب وعلى صعوبة الحياة في الخارج في فشل الزواج.



النقود التي يجلبنها معهن، تسهل عملية زواجهن مرة اخرى.



وبالطبع، فليست كل تلك الزيجات تنتهي بمأساة.



يقول طارق عاصم،39، انه لا يزال سعيدا مع زوجته التي قدم لها مهرا 25 مليون دينارا عراقيا (17000دولارا امريكيا) مع نصف كيلو غرام من الذهب. يعيش الزوجين في السويد التي يعيش فيها عاصم منذ اكثر من 20 عاما.



" انها زوجتي وشريكة حياتي، ليست عدوتي. انا اعاملها بشكل جيد واحس بالراحة والسعادة معها" قال عاصم. كانت له الكثير من الصديقات في الماضي، لكن عراقية واحدة تكفي بعد الزواج. "تنظر النساء السويديات بدونية الى الاجانب، وخاصة المنحدرين من اصل شرقي، يعتبرونهم مواطنين من الدرجة الثانية".



وعودة الى كندا، فان حسين لا تزال تعيسة. لقد تركت زوجها مرتين، وهي تحتضن الان ابنتها ذات الثلاث سنوات، لكنه كان يبحث عنها ويجدها ويقنعها بالعودة. قررت الان البقاء لكنها تشعر بندم شديد.



قالت" لو استطيع اعادة عقارب الساعة الى الوراء، كنت سافكر الف مرة قبل ان اقدم على زواج مثل هذا مرة اخرى."



ساهرة رشيد جابر متدربة في معهد صحافة الحرب والسلام في بغداد.
Frontline Updates
Support local journalists