الخوف يعتري الأنبار في أعقاب التفجيرات

تفجيران تعقبهما موجة من الإغتيالات تستهدف قياديين في المحافظة العراقية الغربية .

الخوف يعتري الأنبار في أعقاب التفجيرات

تفجيران تعقبهما موجة من الإغتيالات تستهدف قياديين في المحافظة العراقية الغربية .

Thursday, 14 January, 2010
30 / كانون الأول (ديسمبر) مما أدى إلى مقتل 30 شخص وجرح ما يزيد على 100 شخص بضمنهم المحافظ قاسم الفهداوي. وكان من بين القتلى عضو مجلس المحافظة وثلاثة من كبار المسؤولين الأمنيين حسبما أفاد به مسؤولين أمنيين ومسؤولين في المستشفى.



وأعلنت مجموعة مرتبطة بتنظيم القاعدة تسمي نفسها دولة الإسلام في العراق مسؤوليتها عن هذه التفجيرات ، كما جاء ذلك عبر موقع ألكتروني متطرف لها على الأنترنت.



وأتهم مسؤولون في الرمادي تنظيم القاعدة عن تنفيذ هذا الهجوم لكنهم قالوا إنه هنالك لجنة حكومية تحقق في إحتمالية تورط قوى أمنية في الأمر.



وأوضح مسؤولون أمنيون محليون إن التفجيرات الأخيرة تشابه التفجيرات الهائلة التي أستهدفت مؤسسات حكومية في بغداد في العام الماضي بضمنها بناية مجلس المحافظة.



وُتعّد التفجيرات خرقاً أمنياً خطيراً تشهده المحافظة ، التي كان يُشاد بها بوصفها عنواناً للأنتصار و التجربة التي توجت بالنجاح. وقد كانت الأنبار في السابق مرتعاً لرجال للقاعدة وغيرهم من المتمردين السنة التي تسببت صراعاتهم مع القوات الأمريكية في جعل مركز المحافظة أشبه بمدينة أشباح.



شهد الوضع الأمني تحسناً جوهرياً في عام 2007 حينما تحولت العشائر السنية في المنطقة ضد المجاميع المتشددة وبدأت تشترك في العملية السياسية بعد أن كانت تتقاتل في السابق مع القوات الأمريكية والعراقية.



لقد أدت سلسلة أعمال العنف في الأنبار إلى خلق حالة رعب لدى سكان المنطقة ، إلى جانب الأنفجارات والأغتيالات العديدة التي هزت الثقة في قدرة السلطات على تدارك الموقف الأمني.



وقال السيد فاضل علي – عمره 59 سنة ويملك شركة نقليات في الرمادي – " ينشد الناس الأمن وكل قنبلة تذكرهم بالسنين المرّوعة التي عاشوها ".



إستناداً إلى تقارير الشرطة فإن 52 من القياديين السياسيين والدينيين والشخصيات الإجتماعية قد تعرضت للقتل ضمن محافظة الأنبار وذلك منذ منتصف شهر تشرين الأول.



وأخبر إيفان العيساوي - عضو مجلس محافظة – معهد صحافة الحرب والسلام إن أحد حراسه الشخصيين قد قتل عند إنفجار إحدى مركبات موكبه المؤلف من ستة عجلات بينما كان يغادر مبنى مجلس المحافظة بتأريخ 30 كانون الأول (ديسمبر).



وعّلقت ربة بيت تدعى نور سعدي عمرها 43 سنة " لا تستطيع رجال الشرطة حماية حتى نفسها " ، مُضيفة ً " تعود القاعدة في كل مرة بضربة أقوى للمدينة لذلك أريد من أبني أن يلازم المنزل فمدرسته كائنة بالقرب من قائد في الصحوة المستهدف من قبل القاعدة ".



وكما هو معروف فقد تشكلت مجالس الصحوات من قبل رؤساء العشائر لمقارعة المتطرفين.



بيّن المدرس مصلح أحمد البالغ من العمر 32 عاماً إن الخوف من المزيد من الهجمات جعل أهالي المنطقة في حالة ذعر ٍ شديد ، رافضين فكرة العودة إلى مزاولة أعمالهم أو فتح محالهم التجارية ، وأضاف قائلاً " كل فرد في المدينة ما يزال في حالة خوف ".



إلى ذلك شرح رائد الشرطة رحيم زابان - المتحدث بإسم شرطة الأنبار – كيف وقع الأنفجار الأول ، حيث إصطدمت بقوة شاحنة تسير بسرعة فائقة ومُحّملة بأربعة أطنان من المواد المتفجرة بالمجمع الحكومي المحّصن وقارنه بالمنطقة الخضراء في بغداد التي تضم مجلس المحافظة ومقرات الشرطة وفريق إعادة الأعمار التابع للولايات المتحدة وغيرها من المؤسسات أو الدوائر الحكومية.



وفي حادث مشابه فجّر إنتحاري آخر يرتدي زي رجال الشرطة نفسه بعد 20 دقيقة من حدوث الأنفجار الأول وفقاً لمصدر في الشرطة طلب عدم الكشف عن أسمه.



لقد نجم عن التفجير الثاني مقتل وجرح كبار القادة إضافةً إلى رجال شرطة كانوا قد جائوا لتقدير الأضرار التي خلفها الأنفجار الأول. وذكر زابان إن الأنتحاري كان على بعد ثلاثة أمتار من المحافظ الفهداوي الذي فقد بنتيجة الهجوم يده وعانى من جروح بالغة في صدره وظهره.



وقالت عضو مجلس المحافظة ربيعة نائل ، يرقد المحافظ حالياً في المستشفى وحالته مستقرة.



وقد قتل وجرح خلال الأنفجارعشرات المدنيين بضمنهم نساء كانوا بإنتظار إستلام الإعانات الأجتماعية. كما جرح جندي أمريكي ومقاول حسبما أطلع معهد صحافة الحرب والسلام من مصدر عسكري أمريكي.



إثر الأنفجارات أنتشرت قوات من الجيش العراقي في الشوارع وأعلنت حالة الطوارىء في محافظة الأنبار.



وقال رئيس مجلس محافظة الأنبار السيد جاسم الهلبوسي ، إن مدير شرطة المنطقة اللواء طارق العسل قد تم إقالته وإستبداله بضابط سابق من ضباط الجيش في زمن صدام حسين.



وقد أخبر العسل معهد صحافة الحرب والسلام بعدم إعتقاده بالمزاعم التي مفادها إن القوات الأمنية قد ُأخترقت وألقى باللائمة على الساسة والمسؤولين بسبب " تدخلهم في عملنا وتعيينهم بصورة مُنافية للقانون أقاربهم الغير مؤهلين ليشغلوا مناصب حساسة "، وأكتفى بهذا القدر من الكلام والشرح.



لقد أنهالت الأتهامات على رؤساء العشائر في الأنبار من حيث منح الأمتيازات السياسية والوظائف لصالح أعضاء في العشيرة التي ينتمون لها منذ تسلمهم السلطة والصلاحيات السياسية.



بالنسبة للجانب العسكري الأمريكي فقد عمد إلى بسط الأمن في المجمع ما بعد الأنفجارات وساهم في إجراء التحقيق العدلي حسبما ذكر متحدث عن القوات الأمريكية.



وأفادت شرطة الأنبار بإحتجازها 30 شخصاً وهم قيد الأستجواب حول الهجوم الذي يعتبر الأفتك من نوعه منذ عامين.



كما بيّنت الشرطة إن المشتبه بهم هم جميعاً من المعتقلين السابقين الذين كانوا مسجونين في معتقل بوكا وهو مركز إعتقال كان ُيدار من قبل الولايات المتحدة الذي كان يحوي مجرمين عراقيين خطرين للغاية ومتمردين من السنة. السجناء الحاليين إما يطلق سراحهم أو يتم نقلهم إلى مكان إعتقال عراقي آخر نتيجة إلغاء وغلق هذا المعتقل من قبل الولايات المتحدة في أيلول (سيتمبر).



وبالرغم من الأستجابة السريعة للحكومة فقد قال محلل سياسي من الرمادي يدعى يوسف خلف إن ثقة الناس بالسلطات صارت تتلاشى شيئاً فشيئاً ، فالنزاعات السياسية والفساد وضعف الأمن من شأنها خلق حالة عدم إستقرار في المحافظة.



" على القوى الأمنية أن تبرهن للجميع إنها تمسك بزمام الأمور وأن تحاسب الناس التي تقف وراء أعمال العنف في الأنبار حتى لو كانت تمثل الأحزاب الحاكمة في المحافظة " حسبما جاء في تصريح خلف.



" فإذا لم تتصرف على هذه الشاكلة وعلى هذا النحو فعليها أن تصرف النظر عن مسألة الفوز في الأنتخابات ، حيث إن هذه الهجمات جعلت الناس في حالة من الهياج العصبي تجاه أي شيء وبضمن ذلك موضوع الأنتخابات " ، حسبما أعلن خلف ، مضيفاً إن الناس في " حالة تشاؤمية عميقة للغاية ".



بعد أيام من الأنفجارات طغى على مدينة الرمادي حزن يشوبه قلق وقال أصحاب محلات بأن أهالي المنطقة قد صاروا يعدون أنفسهم لمواجهة ما هو أسوأ وأفظع من خلال قيامهم بخزن المواد الغذائية والوقود والماء ، كما فرّ البعض الآخر إلى الجارة سوريا أو إلى بغداد.



وسط إجراءات أمنية مشددة صاحبها تنصيب خيم جنائزية ورفع رايات أو أعلام سوداء تحمل أسماء الضحايا تم تشييع القتلى في أكثر شوارع الرمادي المكتظة بالناس والمزدحمة.



طافت جموع محتشدة مركز مدينة الرمادي يقدّر عددها بما يقرب من 400 مستنكر للأعمال التي جرت وذلك في موكب جنائزي مطالبين بتحسين الأمن والقبض على المشتبه بهم في قضايا فساد من رجال الشرطة وكبار المسؤولين.



لقد ُنظم الموكب من قبل فئتين سياسيتين ، مجلس إنقاذ الأنبار وجبهة التوافق العراقي.



وقد نزل خلالها إلى الشارع منتحباً بشدة والد الضحية محمد الدليمي البالغ من العمر 19 عاماً الذي كان قد قتل في هذه الهجمات وهو يعمل شرطياً وصار يضرب على صدره بيديه قائلاً " أنا أتهم القاعدة في مقتل أبني وأبناء الآخرين في منطقتي ".



كما ألقى باللائمة على القوى الأمنية بقوله " لقد أصبحت الشرطة متغطرسة وكسولة ".



أحمد العلواني وهو عضو سني في البرلمان الوطني وينتمي إلى جبهة التوافق العراقي كان قد شارك في الموكب الجنائزي أيضاً وقال يخاطب أهالي الأنبار " لقد تخلى الأهالي عن مطالبهم لخدمات جيدة وسكن جيد ، هم يريدون فقط الأمن ".



عثمان المختار – صحفي مستقل ومتدرب من قبل معهد صحافة الحرب والسلام – الفلوجة



كما ساهم في كتابة هذا التقرير:



تياري راث – مديرة تحريرية لمعهد صحافة الحرب والسلام – السليمانية
Frontline Updates
Support local journalists