الانتهاكات البريطانية المزعومة تثير غضباً جامحاً

نفت لندن بشكل قاطع المزاعم بان الجنود البريطانيين مثلوا بجثث المقالتلين في احدى المدن الجنوبية

الانتهاكات البريطانية المزعومة تثير غضباً جامحاً

نفت لندن بشكل قاطع المزاعم بان الجنود البريطانيين مثلوا بجثث المقالتلين في احدى المدن الجنوبية

Tuesday, 22 February, 2005

يقف حسين عبد الأمير وهو يحمل قاذفة ـ آر بي جي/ 7 على كتفه، في الطريق المؤدي الى مدينة المجر الكبير،جنوب العراق، في انتظار ان ينتقم لمقتل أخيه والتمثيل المزعوم بجثته.

وادعى حسين قائلاً "لقد اقتلع البريطانيون عيني أخي ووضعاهما في جيب سرواله. وهذا ليس شيء سهل بالنسبة لعشيرتي. انا لم اشترك بالمقاومة، لكن بعد ما حدث أقسمت على الانتقام، مهما يكون الثمن. ونحن بانتظار البريطانيين".

وكان أثير، شقيق حسين، واحداً مما يقارب (20) من سكان هذه المدينة قد قتلوا خلال كمين شنه المقاتلون المحليون، والذين ذكر ان من بينهم أعضاء من جيش المهدي، ضد دورية بريطانية بتاريخ (14) مايس.

وجاء الكمين في ذروة القتال بين عناصر جيش المهدي وقوات التحالف.

وعلى الرغم من ان هذا كان واحداً فقط من عشرات الصدامات في أنحاء الجنوب في ذلك الوقت، فانه قد خلف شعوراً بالمرارة لم يسبق له مثيل.

ويعتقد أهالي المجر الكبير ان بعض المقاتلين العراقيين ممن نجا من الكمين، قد تعرضوا للتعذيب حتى الموت على أيدي القوات البريطانية التي نفت بدورها بقوة تلك الادعاءات.

ان أهالي المدينة المعدمة والتي شيدت جل بيوتها من الطين وجذوع أشجار النخيل، يقولون اتها كانت دائماً معادية للسلطة المركزية.

ويقع عند طرف المدينة واحد من أسواق العراق المفتوحة القليلة الباقية لتجارة السلاح, حيث توجد بنادق كلاشينكوف وقدائف آر بي جي وصواريخ ستريللا المضادة للطائرات.

تدعي المدينة أنها قدمت آلاف "الشهداء" في عهد نظام صدام، بما في ذلك أتباع عالم الدين الشهيد محمد صادق الصدر، الذي يقود ابنه مقتدى حالياً جيش المهدي، ورجال حزب الله العراقي الذين قاتلوا قوات النظام باسلوب حرب العصابات من مناطق الأهوار المجاورة.

وقاومت مدينة المجر الكبير الاحتلال الأجنبي. وواجهت القوات البريطانية تلك العداوة منذ حزيران، عندما ذكر ان سكان المدينة الغاضبين بسبب استخدام البريطانيين للكلاب في حملتهم لجمع الأسلحة من البيوت، قتلوا (6) جنود بريطانيين في هجوم على مركز الشرطة المحلي.

ومنذ كمين (14) مايس، قال العديد من السكان المحليين انهم سيهاجمون القوات البريطانية عند مشاهدتها.

ان ما حدث في القتال غبر واضح تماماً، لكن الكثير من السكان يعتقد ان الجنود البريطانيين مثلوا عن عمد بجثث أقاربهم.

وزعم المزارع طالب حميد فلاح الذي قال انه شهد المعركة "قامت القوات البريطانية بتطويق مقاتلي جيش المهدي بعد ان أصيب العديد منهم بجروح ... وبعضهم كان ما يزال حياً لأن جروحه بسيطة وقد جرى اعتقالهم".

وبحسب ما ذكرته بعض الروايات، فان جثث (22) شخصاً من السكان، من بينهم عابرو سبيل ورجال مسلحون من غير أعضاء جيش المهدي، قد تسلمها الأقارب في اليوم التالي من القاعدة العسكرية للجيش البريطاني.

ويقول سكان المدينة ان بعض تلك الجثث قد حملت آثار التعذيب او التمثيل.

ويقول الدكتور عادل كريم ـ اختصاصي في مشفى الصدر في مدينة العمارة القريبة، والذي تولى فحص الجثث، ان التمثيل كان السبب الرئيس في وفاة (9) من الضحايا.

وادعى الدكتور عادل ان عيون بعض الضحايا قد قلعت، والبعض اقتطعت آذانهم، بل ان أحدهم قد بترت أعضاؤه التناسلية وكان سبب الوفاة هو النزيف.

ان الروايات التي تتحدث عن التمثيل قد نشرت من خلال "أقراص السي دي" التي تباع في مدينة العمارة، والتي تظهر جثث المقاتلين عند ادخالها الى المشفى. ولا يبدو واضحاً من خلال التسجيل فيما اذا كانت الجروح المصورة ناتجة عن المعركة او عن التمثيل المتعمد.

ونفى وزير الدفاع البريطاني جيف هون حدوث الانتهاكات المزعومة، لكنه وعد بانها سوف تخضع للتحقيق الشامل.

وقال ناطق باسم الجيش البريطاني في البصرة لصحيفة الغارديان البريطانية في لندن، ان الادعاءات "غير معقولة". مؤكداً انها تشكل "اهانة للجيش البريطاني كله ومحاولة لتشويه صورة الرجال الذين يعرضون حياتهم للخطر كل يوم لحماية العراق والعراقيين".

في غضون ذلك، فان رجال الشرطة في المجر الكبير مترددون في محاولات تهدئة الجو المحموم في المدينة، يخافون من انقلاب الأهالي ضدهم.

يقول حسن البهادلي، ضابط في مركزشرطة المدينة، "نحن لا نريد المشاكل مع الناس، لأن رجل الشرطة يشكل هدفاً سهلاً".

وحتى الآن، فقد قتل ضابط واحد في المنطقة خلال التوتر الذي أعقب حادثة (14) مايس.

فقد قتل محمد عشماني، مدير مركز شرطة المجر الكبير في نزاع مع قائد حزب الله عبد الكريم المحمداوي وأخيه رياض.

وعلى وفق ما ذكره العديد من شهود العيان، فقد أطلق رياض النار على محمد بعد ان سحب رجل الشرطة مسدساً على أخيه عبد الكريم بسبب خلاف حول فيما اذا كان سيسمح للأقارب بالاشتراك في مظاهرة للاحتجاج ضد القتل.

وتتنوع الروايات فيما اذا كان قائد حزب الله كان يريد المظاهرة ان تبدأ او كان يريد منعها.

وتقول مصادر التحالف ان مذكرة توقيف قد صدرت لاعتقال الأخوين المحمداوي، إلا ان الأهالي يعتقدون ان من غير المرجح تنفيذ مثل هذه المذكرة.

في غضون ذلك، فان المفاوضات في هذه القضية تجري بين ممثلين عن عشيرتي المحمداوي ومحمد عشماني.

من جانبه دعا عبد الكريم المحمداوي قائد حزب الله، وهو عضو في مجلس الحكم العراقي السابق، الى اجراء تحقيق في وقائع ما حدث اثر كمين الرابع عشر من مايس.

لكن من غير المرجح ان يرضي أي تحقيق أقارب القتيل مدير الشرطة, الذين يريدون تطبيق العدالة على الطريقة التقليدية.

وقال الحمال محمد جاسم عن أخيه علي، أحد ضحايا التمثيل المزعوم "انه عانى من القوات البريطانية قبل موته ونحن الآن في انتظار اخوتنا المجاهدين من مقرات جيش المهدي في الكوفة لنشن هجوماً شاملاً على الجيش البريطاني".

*عقيل جبار ـ بغداد

Paste this line in front of each paragraph

Iraq
Frontline Updates
Support local journalists