أوغندا تصر على أن اتفاق السلام لا يتعارض مع المحكمة الجنائية الدولية

تصر الحكومة على أن اتفاق السلام وخطط إجراء محاكمات محلية لزعماء المتمردين تعمل جنباً إلى جنب مع المحكمة الجنائية الدولية وليست ضدها.

أوغندا تصر على أن اتفاق السلام لا يتعارض مع المحكمة الجنائية الدولية

تصر الحكومة على أن اتفاق السلام وخطط إجراء محاكمات محلية لزعماء المتمردين تعمل جنباً إلى جنب مع المحكمة الجنائية الدولية وليست ضدها.

Tuesday, 22 April, 2008
.



وقالوا: على العكس إن من الممكن أن يُوظف اتفاق السلام جنباً إلى جنب مع محكمة جرائم الحرب في لاهاي.



إن بنداً أساسياً من بنود الاتفاق ينص على أن تنشئ أوغندا محكمة محلية خاصة لمحاكمة المتمردين عن الجرائم التي ارتكبوها خلال عشرين عاماَ من الحرب الأهلية في شمال البلاد.



هذا الصراع الذي أودى بما يقدر بمائة ألف قتيل وتشريد ما يقرب من مليوني شخص من ديارهم.



مع ذلك، لا يزال الشك قائماً فيما إذا كان سيتم التوقيع فعلياً على اتفاق السلام الذي يتم التفاوض عليه منذ سنتين تقريباً أم لا.



ومن الجدير ذكره أن جوزيف كوني قائد المتمردين قد تغيب نهاية الأسبوع الماضي عن حفل التوقيع في ري كونغبا ـ وهي منطقة نائية في جنوب السودان ـ زاعماً أن لديه تساؤلات معلقه حول الخطة التي ستنتهجها الحكومة االأوغندية في محاكمة أعضاء جيش الرب للمقاومة.



كما أدى تحرك آخر إلى تعكير آفاق اتفاق السلام، إذ أقال كوني كبير المفاوضين ديفيد متستانغا مستعيضاً عنه بيوسف آديك الأشولي وهو شيخ من قدامى الأعضاء فى الفريق المفاوض في جيش الرب للمقاومة.



ومما يزيد في الفوضى التي تعم المنطقة حالياً موت شخصين من الخمسة المتهمين من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وهما راسكا لوكويا الذي لقي حتفه في تبادل لإطلاق النار مع القوات الأوغنديه فى عام 2006 ، وفنسنت أوتي الذي لقي حتفه في تشرين الأول الماضي في عملية إعدام يبدو أن كوني أمر بها. وقد زعمت تقارير صادرة الأسبوع الماضي أن الرجل الثالث أكوت أوديامبو قد لقي حتفه في اشتباك وقع بين فصائل جيش الرب للمقاومه المتناحرة، وستجعل هذه المعلومات، في حال التأكد من صحتها، كوني ودومينيك أونغوين متهمين محتملين من قبل المحكمة الجنائية الدولية.



هذا ويخشى الكثير من المراقبين وجماعات حقوق الإنسان أن تتعرض المحادثات لخطر شديد جراء ما يحدث حالياً.



المشاكل الوطنية قد تؤذي المحكمة الجنائية الدولية



هذا وكما كانت عليه منذ بدأت المحادثات منذ عامين تقريباً شكل تنفيذ العدالة قضية محورية في المفاوضات الحالية.



وفي شباط طلبت المحكمة الجنائية الدولية من أوغندا أن تفسر كيف سيكون من شأن الاتفاق على إجراء محاكمات محلية، أن يؤثر على علاقاتها مع المحكمة.



بعد أن حاول الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني في أواخر عام 2003 التواصل مع المحكمة الجنائية الدولية، بدأت هذه الأخيرة التحقيق في حرب جيش الرب للمقاومة في شمال أوغندا.



ففي تشرين الأول عام 2005 غيرت المحكمة الجنائية الدولية لوائح الاتهام ضد كوني وأربعة من مساعديه واتهمت ستة وثمانين منهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.



وقد طالب كوني بأن تسقط المحكمة الجنائية الدولية أوامر الاعتقال محذراً من أن جيش الرب للمقاومة لن ينزع السلاح ولن يباشر بتسريح قواته إلى أن يحدث ذلك.



وتعتبر خطة إنشاء محكمة خاصة في أوغندا حلاً وسطاً تقترحه الحكومة مع المتمردين بشأن هذه المسألة.



وقد كان هناك بعض القلق ضمنياً من أن تحل الإجراءات القانونية المتخذة محلياً محل المحكمة الجنائية الدولية وأن يتم استبعاد تسليم المجرمين ومحاكمتهم في لاهاي.



ولكن صرح في أوغندا المحامي العام جين كيغوندو مؤخراً بأنه:"ليس المقصود من الشعبة الخاصة للمحكمة الأوغندية العليا أن تحل محل المحكمة الجنائية الدولية."



وقد أوضح السفير الأوغندي إلى هولندا ميرجام بلاك أن المحكمة الخاصة ستعمل وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، حيث قال:" إن من شأن المحاكمات على المستوى الوطني أن تستخدم مبدأ التكامل الذي أنشئت المحكمة في المقام الأول بهدف تحقيقه."



وبإمكان المحكمة بموجب هذا المبدأ أن تقبل الادعاء الوطني إذا كان النظام القضائي في هذا البلد يتوافق مع المعايير الدولية للمحكمة الجنائية الدولية.



وقد عبر عن ذلك كيغوندو بقوله:" سيتعين على أولئك الأفراد الذين كانوا متهمين من قبل المحكمة الجنائية الدولية أن يمثلوا أمام الشعبه الخاصة في المحكمة العليا للمحاكمة".



كما قال: إن تقرب أوغندا أصلاً من المحكمة الجنائية الدولية لم يكن بسبب افتقارها إلى محاكم خاصة بها ـ أحد الأسباب التقليدية للقيام بذلك ـ بل بالأحرى لأنها أرادت مساعدة دولية لحل مشكلة التمرد.



قال: "إن قيادة جيش الرب للمقاومة كانت خارج حدود أوغندا، والمجتمع الدولي لم يكن مفيداً."



لقد وجد المتمردون ملاذاً لهم في جنوب السودان لسنوات عديدة حتى عام 2002، حيث كان مسموحاً للجيش الأوغندى آنذاك أن يهاجم قواعد المتمردين هناك، مما أجبر جيش الرب للمقاومة على الانتقال و

إنشاء قاعدة في حديقة غارامبا فى الركن الشمالي الشرقي من جمهورية الكونغو الديمقراطيه المجاورة. وقد انتقل في الآونة الأخيرة الجزء الأعظم من قوات جيش الرب للمقاومة مرة أخرى، ولكن هذه المرة إلى جمهورية إفريقيا الوسطى في جهد واضح لإجهاض خطط الهجوم عليهم وأسر قادتهم.



وقد أكدت بلاك على أن "عجز أوغندا عن محاكمة قيادة جيش الرب للمقاومة يرجع إلى هذا التحدي وليس نتيجة لأسباب تتصل بقدرة محاكمها على معالجة القضايا المرتبطة بالوضع".



وقالت:" كان من المحبذ أن يتم التعامل مع الجرائم الدولية على المستوى الوطني، ينبغي على المحكمة الجنائية الدولية أن تتدخل فقط في حال لم تكن الدولة جادة في القيام بذلك أو في حال بقيت هذه الجرائم دون عقاب."



كما أشارت إلى أن تقديم قادة جيش الرب للمقاومة للمحاكمة تحت اختصاص القضاء الأوغندي سيحل مشكلة رئيسية بالنسبة لجمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان ولجمهورية إفريقيا الوسطى، مضيفة أن ذلك سيؤدي إلى تحقيق سلام دائم بالنسبة للمنطقة بأسرها.



هل تملك أوغندا القدرة على محاكمة جيش الرب للمقاومة؟



لقد أعربت جماعات حقوق الإنسان مع ذلك عن شكوك كبيرة في قدرة أوغندا على محاكمة المتمردين بالشكل المناسب، وعن خشيتها من أن يفلت معظمهم من العقاب.



قال أحد أعضاء منظمة هيومان رايتس ووتش السيد ريتشارد ديكر في بيان له في وقت سابق من العام الجاري: "لاشك في أن نظام العدالة الأوغندي يحتاج لإجراء تحسينات لجعل المحاكمات الوطنية فعالة." وأضاف : "إننا نتحدث عن إجراء محاكمات حساسة للغاية في بلد له تاريخ طويل في محاولة التدخل في السلطة القضائية، وفي ظل غياب برنامج حماية شهود حقيقي".



وتصرح منظمة العفو الدولية بأن الإفلات من العقاب قد تفشى في أوغندا خلال الحرب وأن ما تم إنجازه حيال العديد من الجرائم ضد الإنسانية كالتعذيب والقتل الخارج عن القانون والخطف الذي يستهدف المدنيين في الشمال قليل ولا يذكر.



وقد أخبر المستشار القانوني فاكيسو موتشوتشوكو معهد صحافة الحرب والسلم بأن إحالة أوغندا مشكلة جيش الرب للمقاومة إلى المحكمة الجنائية الدولية في عام 2003 ، كان دليلاً على أن النظام الأوغندي كان إما عاجزاً عن معالجة هذه الحالات أوغير راغب بذلك.



قال:"اذا كانت الدولة قادرة وراغبة بمحاكمة حقيقية، فلن يكون على المحكمة الجنائية الدولية التعامل مع هذه المسألة" مضيفاً أن المحكمة الجنائية الدولية تجبر على التدخل في الحالات المغايرة لذلك.



حيث قال:"إذا ادعت أوغندا الآن أانها مستعدة وقادرة على محاكمة حقيقية، سيكون على الحكومة أن تتقدم أمام المحكمة الجنائية الدولية وتثبت ذلك".



فعالية المحكمة الجنائية الدولية موضع شك



وقد صرحت بلاك بأن حكومتها كانت تأمل في أن تساهم زيادة الوعي الدولي حول جيش الرب للمقاومة في تسريع عملية إلقاء القبض على كوني، إلا أن هذا لم يحدث.



قالت:" لقد استنتجت الحكومة الأوغندية أن التعاون الدولي لم ينجح حتى الآن بخيبة أمل كبيرة."



لكنها لفتت النظر إلى أن أوغندا لم تطالب المحكمة الجنائية الدولية بإسقاط الاتهامات ، واعترفت بأن الاتهامات التي وجهتها المحكمة الجنائية الدولية كانت مفيدة في دفع المتمردين إلى طاولة المفاوضات.



إذ قالت :"إننا كحكومة لم يسبق لنا المطالبة بإلغاء أوامر الاعتقال أو تأجيلها او رفعها" وأضافت "نحن سعداء جداً لوجود هذه الأوامر، إذ لولا وجودها لما كان هناك أداة ضغط لإبقاء جيش الرب للمقاومة ملتزماً بالمفاوضات، ولما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم."



وقد أبلغت النيابة العامة للمحكمة الجنائية الدولية معهد صحافة الحرب والسلم بأن المحكمة واصلت الإصرار على أن القبض على قادة جيش الرب للمقاومه وتقديمهم إلى لاهاي لا يمثل حكماً على النظام القضائي في أوغندا، ولكن ذلك كان ضرورياً حتى الآن، إذ لم يتم اتخاذ اجراءات قانونية محلية ضد قادة المتمردين المتهمين من قبل المحكمة الجنائية الدولية.



وقال المدعون العامون إنه في حال باشرت أوغندا في المحاكمات سوف يقومون بتقييم "أصالة" هذه العملية.



حيث أخبر مكتب المدعي العام معهد صحافة الحرب والسلم بأنه:"في حال تم تحدي مقبولية قضيتنا- وهي حالة افتراضيه حالياً – فإن القرار سيعود إلى القضاة."



" إن لدى مكتب المدعي العام قضية قوية ضد جوزيف كوني وغيره من قادة جيش الرب للمقاومة؛ نحن نقيم أن قضيتنا كانت ولاتزال مقبولة وأشار المدعي العام إلى أنه سيحارب أي تحدٍ يطعن بمقبولية الدعوى في المحكمة."



وقبل أن تتمكن أوغندا من إقناع المجتمع الدولي بأن العملية القانونية المحلية صحيحة يجب أن تتبنى تشريعات سنها المدعون العامون في المحكمة الجنائية الدولية، وأن تلتزم في قوانينها الخاصة بمعايير تجعل شعبة المحكمة الخاصة المقترحة تنسجم انسجاماً تاماً مع محكمة لاهاي.



ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، على الرغم من توقيع أوغندا على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في عام 2002 ، فإن البلاد لم تشتمل في تشريعاتها الوطنية على قضايا الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.



وقد صرح السيد ديفيد دونات كاتين أحد البرلمانيين في منظمة من أجل العمل العالمي ـ وهي شبكة من أعضاء البرلمانات من مختلف أنحاء العالم تسعى لتعزيز الديمقراطية والسلام ـ بأنه إذا ما تمكنت أوغندا من تطبيق تحديد الجرائم على النحو المنصوص عليه في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في تحقيقاتها وفي الفصل في الدعاوى وإصدار الأحكام، ستتمكن بنجاح من الطعن في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، لكنه أضاف أن ذلك غير ممكن بما أنه لم يتم إقرار التشريعات المدرجة في النظام الأساسي بعد.



وقد أعلنت السيدة بلاك أن هذا التشريع كان في الواقع جاهزًا قبل أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية أوامر الاعتقال، ولكن لم يتم اقراره بعد.

وبغض النظر عن ذلك أشارت بلاك إلى أن أوغندا تعتزم التقيد بالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في إنشاء المحكمة الوطنية.



مخاوف من عدم خدمة العدالة بشكل كامل



هذا ويشعر جوناثان أو- دونوهو المسؤول في مشروع العدالة الدولية في منظمة العفو الدولية بالقلق لأن أحد بنود اتفاق السلام - في الملحق المتعلق بالمساءلة والمصالحة ـ يقدم تعريفاً ضيقاً جداً للجرائم التي من الممكن محاكمتها في ظل عملية قضائية وطنية مستقبلية.



كما أعرب عن مخاوفه من أن تصدرالحكومة عفواً عاماًعن مقاتلي جيش الرب للمقاومة مقابل تسليم هؤلاء أسلحتهم، وبالتالي ستسمح لهم بالإفلات من الملاحقة القضائية.



علماً بأنه تم منح العفو لعشرين ألف متمرد سابق منذ عام 2000.



كما يود السيد أو- دوهو أيضاً أن يرى عناصر الجيش الأوغندي المتهمين بارتكاب تجاوزات خلال الصراع مقدمين للمحاكمة، إلا أنهم يخضعون بموجب النظام الحالي لمحاكم عسكرية لا تتسم بالشفافية ولا توفر حق الاستئناف وتستطيع أن تفرض عقوبة الإعدام على حد قوله.



وبالإضافة إلى ذلك يدعي أو- دوهو أن اتخاذ إجراءات مختلفة بحق المتمردين وعناصر الجيش من شأنه أن يعتم على الجرائم التي ارتكبت على أيدي القوات الحكومية، وأن يسلط الضوء على أن الاتفاق لم يكن جهداً حقيقياً لوضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب ولكن حلاً وسطاً سياسياً بين كل من الطرفين ".



ويؤيد ريتشارد ساوم من منظمة هيومان رايتس ووتش هذا الرأي ويؤكد أن هذا الخلل قد يؤدي إلى مشكلة، إذ يقول:

"لابد أن يكون هناك محاكمات عادلة وذات مصداقية لأخطر الجرائم التي ارتكبها كل من الجانبين والعقوبات الكافية لإدانتهم" وأضاف "لا يشير الاتفاق تماماً إلى هذا الكلام ، ونحن نأمل أن يضمن الأطراف والشركاء الدوليين أن تتم بشكل سليم."



وتصر أوغندا على أنه ليس عليها تحويل القضايا التي تتعلق بالجيش إلى المحكمة الخاصة المقترحة، على اعتبار أن المحكمة العسكرية نظام شامل ويعمل بشكل جيد.



قالت بلاك :"لدينا قانون عسكري صارم ولقد حكم على العديد من أفراد قوات الدفاع الشعبي الأوغندية الذين ارتكبوا جرائم فردية بالموت".



كما أضافت أن أوغندا قد قدمت كل التفاصيل عن القضايا المرفوعة ضد الجيش إلى المحكمة الجنائية الدولية قائلة: "إذا ظهر أي دليل الآن فنحن كحكومة نريد أن نتعامل معه بأشد الطرق، ذلك هو نظام المحكمة العسكرية".



إلا أن دونات كاتين حذر من أن تطبيق أطر قانونية مختلفة على جيش الرب للمقاومة والجيش الأوغندي ينتهك التزام المحكمة الجنائية الدولية بالمحاكمات العادلة على قدم المساواة، معبراً عن ذلك بقوله:

"ويبدو لي أن هذه الخطة [إنشاء محكمة خاصة] مخصصة لمواجهة القضايا التي تحقق فيها المحكمة الجنائية الدولية، الأمر الذي قد ينتهك أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي والذي تقوم على أساسه المحكمة الجنائية الدولية وهو المساواة للجميع أمام القانون".



كاتي غلاسبورومراسلة صحفية، معهد صحافة الحرب والسلم في لاهاي.
Frontline Updates
Support local journalists