أوغندا ترفض دعم الزعيم السوداني

التاريخ يلاحق الرئيس السوداني المحاصر، والزعيم الأوغندي يفشل في تقديم يد المساعدة.

أوغندا ترفض دعم الزعيم السوداني

التاريخ يلاحق الرئيس السوداني المحاصر، والزعيم الأوغندي يفشل في تقديم يد المساعدة.

Friday, 22 August, 2008
.



وقد طلب لويس مورينو أوكامبو المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية من هيئة المحكمة في لاهاي في الرابع عشر من تموز توجيه الاتهام إلى الرئيس السوداني عن جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتكبت في إقليم دارفور الغربي.

الأمر الذي يجعل من البشير أول رئيس دولة متهم بارتكاب جرائم حرب.



وقد تم ترك البشير لجهاده ساعياً لكسب الدعم الدبلوماسي حيثما يستطيع.



ومن الجدير بالذكر أن سمعة أوغندا الإيجابية داخل إفريقيا وخارجها تعني أن لوجهة نظرها أهمية كبيرة، لكن إن ظن البشير أن موسيفيني سيغفر وينسى تاريخاً طويلاً من العلاقات المضطربة بين البلدين فإنه مخطئ.



فقد صرح الرئيس موسيفيني أمام الصحافيين في الثاني من آب قائلاً : "أنا لا أدين قرار الاتهام الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير."



وكان الزعيم الأوغندي صرح بذلك خلال حديثه بعد مضي أربعة أيام على إلغاء مؤتمر صحفي كان من المفترض أن يعقب لقاءه مع الرئيس المصري حسني مبارك، الذي كان يحث القادة الأفارقة على إدانة تحرك المحكمة الجنائية الدولية.



وكانت زيارة الرئيس مبارك لأوغندا قد عقبت إعلان مورينو أوكامبو عن طلبه من المحكمة الجنائية الدولية توجيه اتهام للبشير.



وقد جاء طلب المدعي العام هذا بعد ثلاث سنوات من تكليفه من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالتحقيق في دارفور.



وقد احتج مورينو أوكامبو بأن البشير قام بتدبير وتنفيذ خطة لتدمير نسبة كبيرة من أبناء قبائل الفور والمساليت والزغاوة التي تسكن دارفور.

حيث تم استهداف هذه المجموعات الإثنية في حملة من العنف والدمار شنها الجيش النظامي السوداني وقوات المليشيات المتحالفة المعروفة باسم "الجنجويد" بذريعة القضاء على العصابات المسلحة المتمردة.



وقد صرح أوكامبو بأن "دوافع فخامة الرئيس[البشير] سياسية إلى حد كبير" مضيفاً " كانت ذريعته مكافحة التمرد، أما نيته فكانت الإبادة الجماعية."



ورغم أن موسيفيني صرح علناً بأن الغرب يتدخل أكثر من اللازم في قضايا العدالة الإفريقية، فإن تعليقاته الأخيرة كشفت عن نفوره من الزعيم السوداني.



وقد كانت حكومة الخرطوم المؤيد الرئيسي لجيش الرب للمقاومة، الذي خاض حرباً طويلة في شمال أوغندا في الفترة ما بين 1986 و 2006.



واتخذ المتمردون طيلة مدة الصراع من جنوب السودان ملجأ لهم حيث أقاموا معسكرات شبه دائمة، وقد صرح المتمردون السابقون بأنهم كانوا يتلقون الغذاء والرعاية الطبية والإمدادات العسكرية من السلطات السودانية.



وفضلاً عن القتال في شمال أوغندا اشتبك جيش الرب للمقاومة في جنوب السودان أيضاً مع الانفصاليين الذين كانوا فى حالة حرب مع حكومة البشير، مما يعزز الشكوك بأن الخرطوم كانت سعيدة لوجود جيش الرب للمقاومة كقوة غير مباشرة.



وعقب اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه مع المتمردين الجنوبيين في عام 2005 أوقفت الحكومة السودانية بنشاط تقديم الدعم لجيش الرب للمقاومة، الذي رحل في وقت لاحق إلى ركن بعيد في الشمال الشرقي من جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث لا يزال رجاله من حرب العصابات يختبئون في حديقة غارامبا الوطنية.



ويعتقد بعض المحللون بأن الخرطوم استأنفت بهدوء تقديم الدعم للمجموعة وقد برزت تكهنات بهذا الشأن لأن حكومة البشير تستمر في مواجهة مع جنوب السودان حول أراضي أبيي المتنازع عليها والغنية بالنفط ، ولأن متمردي دارفور هاجموا الخرطوم في وقت سابق من هذا العام.



وقد صرح فيليب كاسايخا الأستاذ في قسم العلوم السياسية في جامعة ماكيريرى في العاصمة الأوغندية كمبالا بأن موقف الرئيس موسيفيني كان متوقعاً.



وذلك بقوله "لو أن موسيفينى قال أي شيء مختلف، لكانت تلك مفاجأة." ثم أضاف متسائلاً "ما السلطة الأخلاقية التي يملكها للنيل من المحكمة التي كان قد تعامل معها في محاولة للتصدي لإحدى أكبر التحديات السياسية [ جيش الرب للمقاومة]؟"



كان موسفيني قد طلب في أواخر عام 2003 من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في الجرائم التي يرتكبها جيش الرب للمقاومة في شمال أوغندا، وقد أصدرت المحكمة في تشرين الأول عام 2005 لوائح اتهام ضد قائد المتمردين جوزيف كوني وأربعة من قادته.



وقد أشار كاسايخا إلى" أن اتهام البشير الممكن هو مثل هدية ترسلها السماء لموسيفيني" مضيفاً " بدأت أخيراً الأخطاء التي اقترفها البشير بحق أوغندا تسبب له المتاعب، ذلك ما يتوقع المرء من موسفيني أن يفكر."



ويقول كاسايخا إن الدعم الإفريقي للبشير يأتي من الزعماء أنفسهم الذين يشعرون باليأس حيال القدرة على البقاء في السلطة.



كما أشار إلى "أن معظم القادة الأفارقة يدعمون البشير بسبب حقيقة أن البشير رئيس دولة، والعديد منهم رؤساء دول وضعها يشبه الوضع في السودان وبعضها أسوأ."



وبشكل غير مفاجئ رحب المتمردون في دارفور بالبيان الذي أدلى به الرئيس موسيفيني.



قد نقلت جريدة سودان تربيون عن عبد الواحد النور ـ زعيم حركة تحرير السودان ـ قوله عن ملاحظات الزعيم الأوغندي إنها "تمثل الضمير الحقيقي لإفريقيا."



صرحت لينا زيدريغا من مدافعين عن القانون الدولي أوغندا بأنه سيكون من غير المنطقي أن يتخذ موسيفيني أي موقف مغاير.



قائلة " نحن في أوغندا نستخدم كلاً من المحكمة الجنائية الدولية وآليات العدالة التقليدية البديلة، ولذلك لاينبغي أن نُعدَّ كمشجعين للإفلات من العقاب من خلال دعم البشير".



إلا أن تجربة إصدار اتهامات بحق جيش الرب للمقاومة تدل على أنه لابد من قطع مسافة طويلة قبل أن يكون من الممكن تقديم الأشخاص إلى المحاكمة، فإن من المفترض أن اثنين من زعماء المتمردين الخمس المتهمين قد قُتلا ولم يلق القبض على أي من المتهمين الآخرين ولم يتم تقديمهم للمحاكمة.



وأشارت زيدريغا إلى أن"أكثر [القادة الأفارقة] يتصرفون كما لو أن البشير أدين بالفعل" مضيفة "لابد أن رئيسنا يعرف على نحو أفضل لأنه كان قد استخدم المحكمة الجنائية الدولية لتحقيق العدالة في صراع الشمال".



كما أن موسفيني حث أثناء حديثه في الثاني من آب الاتحاد الإفريقي على إجراء تحقيقاته الخاصة في دارفور عاكساً الرأي السائد على نطاق واسع والقائل بإن على إفريقيا أن تتحمل مزيداً من المسؤولية بشأن قضايا العدالة بدلاً من السماح للمحكمة الجنائية الدولية بأن تصبح محكمة خارجية تصدر الأحكام في القارة.



وكان بول كاغامي رئيس رواندا المجاورة قد اتهم المحكمة الجنائية الدولية بدفع جدول الأعمال الغربي في إفريقيا.



وذكر كاسايخا بأنه "ليس من المتوقع أن يؤيد الرئيس كاغامي مثل هذا التحرك أي [إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اتهام بحق البشير] " ثم أضاف "لقد سبق وأن اتُّهم من قبل المحاكم الفرنسية والأسبانية وبالتالي فإنه يعارض الولاية القضائية العالمية."



وفي وقت سابق من هذا الأسبوع التقى جان بينغ ـ الذي يتولى رئاسة لجنة الاتحاد الإفريقي ـ الرئيس البشير في الخرطوم لمناقشة موضوع الفريق المختص من الاتحاد الإفريقي الذي سيحقق في دارفور.



وقال بينغ إن البشير يؤيد الفريق القانوني المقترح من الاتحاد الإفريقي مشيراً إلى أنه سيقود تحقيقاً مماثلاً لتحقيق المحكمة الجنائية الدولية، إلا أنه وعند هذه النقطة ليس واضحاً ما إذا كان سيقوم الفريق بإجراء تحقيق كامل في دارفور أم ما الإجراءات الأخرى التي قد يتوجب اتخاذها.



وقد جاء عن جان بينغ قوله "سنقوم بأنفسنا بالتحقيق والعمل عن كثب مع الحكومة السودانية." إلا أن أياً من المسؤولين لم يعلق على موضوع التعاون هذا.



وقد انتقد المسؤول في الاتحاد الإفريقي طلب المحكمة الجنائية الدولية توجيه الاتهام إلى الزعيم السوداني قائلاً إنه "يزيد الطين بلة."



ولن يزداد الانقسام الذي يظهر فعلاً في وجهات النظر الإفريقية بالنسبة لإجراءات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلا إذا قررت المحكمة إلقاء القبض على البشير.



ووفقاً لما جاء عن كاسايخا، إذا أدى إصدار مذكرة الاتهام إلى وضع حد للصراع في دارفور "فإن صورة المحكمة ستكتسب دفعة قوية في إفريقيا" ولكن إذا استمرت التجاوزات فإن"مصداقية أوكامبو والمحكمة الجنائية الدولية ستكون على المحك."



روزبيل كاغوميري، صحفية مقرها كمبالا.
Frontline Updates
Support local journalists